قصص المرضى
- الصفحة الرئيسية
- قصص المرضى
خليفة: ندمت على عمر خسرته ولم أنجز بحياتي شيئاً
يقف الإنسان آسفاً عندما يكتشف أن نصف سنين عمره ضاعت هباءً وأنه كان مغيباً فيها عن الحياة، ولم يهنأ خلالها بلحظة سعادة، إلا لحظات زائفة زينتها له جرعات المخدرات لبضع ثوان وسرعان ما تزول ويصاب بالعصبية وشيء من الجنون.
عانى خليفة طوال 25 عام...
خليفة: ندمت على عمر خسرته ولم أنجز بحياتي شيئاً
- الصفحة الرئيسية
- خليفة: ندمت على عمر خسرته ولم أنجز بحياتي شيئاً
خليفة: ندمت على عمر خسرته ولم أنجز بحياتي شيئاً
يقف الإنسان آسفاً عندما يكتشف أن نصف سنين عمره ضاعت هباءً وأنه كان مغيباً فيها عن الحياة، ولم يهنأ خلالها بلحظة سعادة، إلا لحظات زائفة زينتها له جرعات المخدرات لبضع ثوان وسرعان ما تزول ويصاب بالعصبية وشيء من الجنون.
عانى خليفة طوال 25 عاماً قضاها تحت ذل الإدمان، عانى الوحدة وعدم الثقة بالنفس، وخسر أهله وأصدقاءه، وقبلهم نفسه.. لكن يقول المثل "أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً "، فبعد رحلة مع الإدمان امتدت لنحو 25 عاماً، عاد خليفة إلى رشده وقرر دخول المركز الوطني للتأهيل كي يصبح إنساناً جديداً، وبالفعل كان ما أراد بفضل الله، وتغيرت مجريات حياته للأفضل، وأصبح ينظر للحياة بنظرة متفائلة.
هنا نتعرف عن قصة خليفة عن قرب:
يبدأ خليفة حديثه قائلاً: بدأت تعاطي الحشيش وإبر الهيروين من عمر 20 سنة، وعمري حالياً 46 سنة اليوم، أي 25 سنة من الإدمان. كنت حينها ضمن مجموعة شباب جمعتهم صداقة منذ الطفولة وكنا دائماً نجلس مع بعض، وعندما وصلنا لعمر الـ 20 اتجهت مجموعة منا إلى الدراسة ونجحوا في حياتهم، والحمد لله ووصلوا إلى مناصب جيدة، منهم مديرون ووكلاء مدرسة، ومنهم مديرو شركات، والمجموعة الثانية -ومن ضمنهم أنا- اتجهنا إلى طريق المخدرات. وأضاف: لم أكن أعاني من مشكلات أسرية، ولكن حب الفضول والطيش جعلنا نشجع بعضنا لخوض هذه التجربة كما يسمونها "مزاج ووناسة"، لم نكن نحسب أن هذا الطريق سيدمرنا ويأخذ من حياتنا وصحتنا ومستقبلنا، كنا نظن أنها مجرد وسيلة للتسلية فقط لا أكثر ولا أقل.
وأشار: بعد أن صرت مدمناً، تعرضت لاضطرابات نفسية، حيث أصبحت انطوائياً جداً ولا أتحدث مع أحد، ودائماً ما أود الجلوس بمفردي في الغرفة، وأكون متعباً ومنهكاً. لقد تدهورت كل حياتي وانقلبت رأساً على عقب، إذ كنت أعمل في الجيش فتركته، وأصبحت عاطلاً عن العمل، ثم ازداد الأمر سوءاً وخسرت الأهل، والأصدقاء، والمستقبل، وضاعت سنوات عمري هباءً. ونوه خليفة: كان نهاري ليل وليلي نهار، كان من الممكن أن أجلس شهراً بالبيت أشرب وأتعاطى، ثم أنام يومين متواصلين، وبالطبع المكان الذي أتعاطى فيه مصدر للقذارة، حيث كنت أرمي النفايات على الأرض وفي أي مكان وغير مبال بشيء.
انفصام بالشخصية:
وعن ما كان يصيبه أو يحس به بعد التعاطي، يوضح خليفة: أنا إنسان انطوائي بطبعي غير اجتماعي "لا آخد ولا أعطي مع أحد"، ولا أندمج مع الناس، لكن عندما كنت أتعاطى المخدرات كان يحدث معي مثل انفصام في الشخصية فأصبح شخصاً آخر، متحدثاً واجتماعياً، أما عندما كنت أتعاطى الكحول الخمر فأصبح إنساناً عدوانياً وشرساً وعصبياً وعنيفاً جداً، وغير مسيطر على تصرفاتي مع العائلة، وسببت الكثير من المشكلات للأهل، وكان الوالد والوالدة يخافون مني، كذلك حصلت لي عدة حوادث، ودخلت أكثر من مرة إلى السجن. وأضاف: لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تغير شكلي وملامحي كثيراً، وفي أحد الأيام أردت استخراج بطاقة جديدة فقدمت للمسؤول عن الموضوع صورتي الشخصية، فقال لي باستغراب "هل هذا أنت؟"، حيث تغيرت ملامحي، وكل سنة كان شكلي وجسمي يتغير بشكل غريب بسبب التعاطي.
للأسف استمريت في طريقي على الرغم من أن الأهل نصحوني أكثر من مرة، والوالد عرض علي أن يأخذني إلى مركز لعلاج الإدمان وذهبت معه، ولكن كان من قواعد دخولي المركز أن يتم حجزي، فلم أقبل ورفضت. يتذكر خليفة: هناك موقفين حدثا لي وأتمنى ألا يعودا ثانية، لكنها حدثت في فترات مختلفة، الأول أن أحد أصدقائي كان سيموت بسبب تعاطي إبر هيروين بجرعات زائدة لكن الحمد الله مر الأمر على خير، والموقف الثاني صديق آخر شرب كحولاً بكمية زائدة وأخذ إبرة وحصلت له مضاعفات كان سيموت على إثرها، لكن الحمد لله أسعفناه، فهذان الموقفان من الصعب نسيانهما.
ندم:
يقول خليفة نادماً على ضياع سنوات عمره وصحته: لقد ندمت على كل شيء، على كل يوم تعاطيت فيه. ندمت على عمري الذي ضاع والسنوات التي خسرتها ولم أنجز شيئاً في حياتي، وندمت على خسارتي لعملي وصحتي وأصدقائي وأهلي، وكل شيء تأثر من لحظة دخولي هذا العالم المظلم لهذا اليوم، أنا عمري 46 سنة، ضاع من عمري 25 سنة، الأشخاص في عمري وصلوا لمرحلة معينة في عملهم وأنجزوا الكثير في حياتهم، وأصبح لديهم أسرة وأبناء، وأصبحوا أعضاء مفيدين في المجتمع. أما أنا فكثيراً ما أشعر بالذنب تجاه نفسي وأهلي، حيث قلبت حياتي وحياتهم جحيماً.
وأوضح: فكرت في ترك الكحول لأنها كانت تجعلني عدوانياً وعنيفاً، لكني فشلت أكثر من مرة، أما المخدرات فلم أفكر صراحة في تركها، حيث كانت مسيطرة علي تماماً، ولكن بعد أن دخلت المركز الوطني للتأهيل تغيرت أفكاري بشكل كامل وفكرت جدياً في التعافي والعلاج، لأني تعبت وكبر سني وتدهورت صحتي وضعفت، وأصبح لدي مشكلات نفسية وصحية عديدة. منوهاً: فقد سمعت من أن أحد الأصدقاء كان يعالج في المركز الوطني للتأهيل ونصحني بالقدوم والعلاج، فلم أتردد في الاتصال بالمركز، لأن صديقي الذي قدم لي النصيحة للعلاج في المركز أخبرني كثيراً عنه وعن خدماته ومدى ارتياحه في وجوده بالمركز، فأصبحت لدي الشجاعة والفضول لدخول المركز والعلاج فيه. والحمد لله اليوم أكملت 7 أشهر تقريباً. وإن شاء الله لن أتوقف عند العلاج فقط، بل سأعمل جاهداً على تقديم النصيحة لأي شخص مدمن، وسأستمر في تقديمها له إلى أن يقتنع ويأتي للعلاج.
المكان الصحيح:
وعن شعوره في أول يوم دخل فيه المركز، يقول خليفة: لم أتوقع أن أدخل بموضوع العلاج بهذه السرعة وأتقبله، فعندما دخلت المركز أحسست بأني بالمكان الصحيح، وأن الخطوة التي اتخذتها في القدوم إلى المركز والعلاج فيه أهم خطوة اتخذتها في حياتي. لم أتوقع أن أنجح ، تكلمت مع طبيب داخل المركز وأخبرته أنه من أول يوم دخلت فيه المركز تغيرت حياتي 180 درجة.
سبحان الله شعور غريب بالراحة والطمأنينة، أحس بجاذبية وسر غريب في انجذابي للمركز، أصبحت إنساناً متفائلاً، لأن كل فترة تمر على إدماني كنت أعتقد أنه من المستحيل أن أترك طريق الإدمان، لكن بفضل لله ثم المركز الوطني للتأهيل كتبت لي حياة جديدة. موضحاً: فالمركز - جزاه الله كل الخير- قدم لي خدمات علاجية فائقة، بوجود كادر متمرس من الأطباء والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، الذين قدموا لي كل الدعم الصحي والمعنوي والنفسي من خلال النصائح والآراء التي كنت أسمعها من جميع العاملين في المركز، بالإضافة إلى محاضرات وحلقات نقاشية مع الأخصائيين وممن يعالجون بالمركز، كي نستفيد من تجارب بعضنا البعض ونكسب خبرة جديدة مع خبرتنا في الحياة ونفيد غيرنا بقصصنا، ونعبر عن ما في داخلنا ونستشيرهم بأي شيء يخطر ببالنا، ونتواصل معهم دائماً في أي وقت، بجانب الدعم المادي والعلمي، والتوعوي الذي يعد أهم شيء قدمه لنا المركز عن طريق دورات تدريبية ومحاضرات. ويؤكد خليفة: أعتقد أنه لولا دخولي المركز الوطني للتأهيل لما عولجت من الإدمان، وأصبح الأمر غاية في الصعوبة.
السرية والخصوصية:
وعن الوسائل التي استخدمها المركز الوطني للتأهيل لضمان خصوصيته، يوضح خليفة: أهم ما يقوم به المركز ويشعرنا بالراحة هو السرية والخصوصية، فلا أحد يستطيع خرق خصوصياتنا إلا بإذن منا. أتذكر أول يوم دخلت عند الطبيب لإجراء التحاليل والفحوصات لمعرفة الكمية المخدرة في جسمي سألني متى أخر مرة تعاطيت فيها، قلت له بصراحة قبل ما آتي إليك كنت أتعاطى "نصف السيجارة بالسيارة"، فقال لي حاول التخلص من أي شيء لديك من المواد المخدرة، فمن الممكن أن تدخل في قضية إذا اكتشفت الشرطة ذلك. وأنا عندما أعطي أحداً كلمة ووعداً ألتزم بهما، ففي أول فترة كنت متردداً، لكن مع كثرة ترددي على المركز ونصائح الأخصائيين والأطباء لي بالابتعاد عن الأشخاص المدمنين، بدأت أستجيب للعلاج. وأضاف: بعد ذلك أصبح لدي وعي ومعرفة بأمور كثيرة، وذلك عن طريق المحاضرات والدروس التي يقدمها لنا المركز، وأي مشكلة تواجهنا أو أي تفكير يخطر ببالنا نتحدث مع الأخصائيين لمساعدتنا في حلها.
مستقبل جميل:
يقول خليفة: بعد علاجي بالمركز أعتبر نفسي ولدت من جديد، فقد أصبحت أفكر في مستقبلي ومستقبل عائلتي، لأنني أرى الماضي بصورة قبيحة، أريد أن أبدل الماضي بمستقبل جميل. وأضاف: حياتي في فترة التعاطي كانت مأساة، أما الآن فالحمد لله أنا سعيد جداً بالتغير والإنجاز الذي حصل لي، وعلاقتي بأهلي فيها كل التقدير والاحترام لي. قبل الشفاء من التعاطي كان الوالد لا يحب أن يراني، أما الآن فنجلس سوياً نتناقش، وتغير كل شي.
وأكد: سأحصن نفسي بكل شيء يقيني من الرجوع إلى هذا الطريق، لأنني داخلياً سعيد بالإنجاز الذي وصلت إليه، وسأكمل دون خوف من الماضي أو الرجوع إليه إن شاء الله. واختتم خليفة حديثه قائلاً: كل الشكر والتقدير والاحترام والامتنان للمركزالوطني للتأهيل والعاملين فيه فرداً فرداً على كل الجهود الذي قدموها لنا بكافة الأصعدة، وجزاهم الله كل خير أرسلونا إلى السعودية لأداء مناسك العمرة، لدرجة أنني لمست الكعبة، ولن أنسى هذا الموقف ما حييت، وكل ذلك بفضل الله تعالى ثم المركز الوطني للتأهيل، كما أشكر كل من وقف بجانبي في هذه المحنة، وأعتذر لكل شخص أخطأت بحقه .وضايقته تلك الفترة
علي: إصراري على العلاج أكبر اعتذار لذاتي ولأهلي
يقال إنك إن أضعت ثروتك فلم تخسر شيئاً، وإن أضعت صحتك خسرت أشياء كثيرة، لكن إن أضعت قرارك وعزيمتك فقد خسرت كل شيء، فالقرارات الحازمة في حياة الإنسان لا تأتي عفوية، بل الأقوياء وحدهم من يتصدون للصعاب ويتخذون بشأنها أوضح القرارات وأجرئها، حيث إن م...
علي: إصراري على العلاج أكبر اعتذار لذاتي ولأهلي
- الصفحة الرئيسية
- علي: إصراري على العلاج أكبر اعتذار لذاتي ولأهلي
علي: إصراري على العلاج أكبر اعتذار لذاتي ولأهلي
يقال إنك إن أضعت ثروتك فلم تخسر شيئاً، وإن أضعت صحتك خسرت أشياء كثيرة، لكن إن أضعت قرارك وعزيمتك فقد خسرت كل شيء، فالقرارات الحازمة في حياة الإنسان لا تأتي عفوية، بل الأقوياء وحدهم من يتصدون للصعاب ويتخذون بشأنها أوضح القرارات وأجرئها، حيث إن مقدرة الإنسان وإرادته ترفعه إلى القمة وشخصيته تحفظه من السقوط، فقوة الشخصية والإرادة من مقومات النجاح.
هذا ما ينطبق على هؤلاء الشباب الذين عادوا إلى رشدهم بعد أن جرفهم تيار الإدمان ورفاق السوء ولجو بهم في بئر مظلمة، تزداد ظلماتها كلما تمادوا في غيهم، وجبنوا أن يتخذوا قرار الخلاص. هنا نسرد قصة واقعية لتجربة شاب أدمن المخدرات لأسباب عدة، لاقى خلالها نفور الجميع منه، حتى أقرب الأقربين، بل وتطاول على أعز الناس إليه "والده" في لحظات تغيب فيها عقله وشل عن التفكير بسبب تعاطي المخدرات، لكن بالعزيمة والإرادة والإصرار جاء القرار الحاسم بالعلاج، بعد أن ضاقت به السبل ووجد نفسه ممقوتاً منبوذاً من الجميع، ليفيق إلى نفسه في اللحظات المناسبة.
نتعرف من خلال الحوار التالي مع (علي) عن أهم الأسباب التي قادته لتعاطي المخدرات، ودور الأسرة والمشكلات الأسرية وأصدقاء السوء فيها. وما الذي دفعه للعلاج والالتحاق تحديداً بـ"المركز الوطني للتأهيل"، وثقته بأن المركز سيقوم بهذه المهمة في "سرية تامة"، متجولين بين مراحل العلاج، وكيف استعاد ثقته بنفسه، وبدأ يرسم طريق المستقبل من جديد بعد أن خسر وظيفته وأصدقاءه.
االبداية:
بدأ علي التعاطي منذ سبع سنوات، عندما كان عمره 17 عاماً، واستمر فيه حتى الآن، حيث أصبح عمره 24 سنة. وعن بداية دخوله عالم الإدمان: كنت أتعاطى حبوب الترامادول , وفي فترة بسيطة جداً، ما يعادل الشهر تقريباً، حتى وصلت إلى مرحلة الإدمان , كما تعلمون أن فترة المراهقة بها الكثير من التغيرات الفكرية والجسدية لدى الشاب، وما دفعني في المقام الأول هو الفضول وحب التجربة، بالإضافة إلى أن رفاق السوء قد لعبوا دوراً كبيراً في إقناعي بالتجربة ,و بصراحة مطلقة، يتردد و يصمت ثم يتابع : السبب الأكبر أنني كنت أهرب من حالة انتابتني بسبب قصة حب لم تكتمل، حيث وقف الجميع في وجهي دون استمرار هذا الحب، الأمر الذي جعلني أمر بحالة نفسية سيئة، إذ لم أكن أحظى باهتمام من قبل عائلتي، وكنت أحس أن وجودي في العائلة وعدمه سواء بالنسبة لهم، لذا لجأت للإدمان لعلي أنسى لأكتشف أنه ليس إلا هروباً من الواقع لا أكثر ، كذلك ظننت أنه سيشعرني بالراحة ويقوي شخصيتي إذ إنني كنت ضعيف الشخصية وهادئاً بطبعي وانطوائياً.
كنت أقنع نفسي بأن لا أحد سيعرف أنني أقوم بهذا العمل، على الرغم من أنني كنت أسمع عن النهايات المأساوية التي تصيب المدمن، إلا أن خيالي صوّر إليّ سهولة الرجوع عن هذا الطريق في أي وقت أشاء، وكنت متوهماً، ولم أرتدع واتعظ من تجربة خالي الذي توفي بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات, و يصمت قليلا و يقول: كنت أشعر بخوف شديد من الشرطة، ومن معرفة الأهل بأمري، لكن أصدقاء السوء كانوا يشجعونني ويعملون بشدة على إقناعي بأن المخدرات ستنسيني المشكلات العائلية التي كنت أواجهها في المنزل، فقلت لنفسي سأجرب حالياً فقط، وسأترك لاحقاً.
وعن دور الاسرة في اقدام الشخص على تناول المخدرات يضيف علي: نعم، إذا كان هناك عدم ترابط أسري وأسرة مفككة، وتشعر أنه لا يوجد أحد يهتم بك ويسأل عنك ويعطيك الحنان والدعم المعنوي، فيكون هذا سبباً للجوئك إلى أصدقاء خارج المنزل وانجرارك لرفاق السوء والإنصات إليهم.
الشعور بالذنب:
ينوه علي: كثيراً ما شعرت بالذنب، وكنت دائماً أفكر أن أترك التعاطي، لكن لم أستطع، كنت أعتقد أنه لن يحس أحد أنني أتعاطى، وكنت أستمر في رؤية أصدقائي ومقابلتهم، لكن بعد فترة قصيرة أصبحوا يبتعدون عني لأنهم سمعوا أني أتعاطى.
سعادة مؤقتة:
وعن الإحساس الذي كان ينتابه وقت التعاطي، قال علي: كنت في البداية أشعر بالسعادة و(الفرفشة) والفرح، وبعد فترة قصيرة جداً تبدأ الأعراض السلبية والنفسية والجسدية في الظهور، وبالتالي تؤثر على أدائي وشخصيتي ونفسيتي وتصرفاتي، وأنفعل عندما يتكلم معي أي شخص وابدأ بالصراخ، مثلاً إذا قال لي أحد "شكلك متغير وعيونك حمراء" أبدء بالصراخ والعصبية، كنت أحسد أهلي عندما أراهم غارقين في النوم وأنا لا أستطيع النوم.
معاناة وندم:
أوضح علي: أكثر شيء عانيت منه خسارتي لإخواني وأصدقائي وعملي.. الخسارة الأكبر والتي أندم عليها حتى الآن هي وظيفتي، لأن أهلي وإخواني بالنهاية لن يتركوني في هذه المحنة، وسيسامحونني على الأخطاء التي ارتكبتها بحقهم، لتقديرهم أنني كنت مغيب العقل حينها وغير متوازن ومثل المثل القائل (الظفر ما يطلع من اللحم).
ويضيف: حصلت لي عدة مواقف سيئة ولكن أكثر موقف أثر على وكل ما أتذكره يزعجني، هو أنني ذات يوم كنت عائداً من جلسة تعاطي وحصلت مشاجرة بيني وبين أهلي وفقدت السيطرة على نفسي، لأنني تحت تأثير المخدر، وضربت والدي ثم تدخل أخي وتشاجرنا وضربنا بعضاً، ثم توجهت إلى أعلى المنزل وربطت عنقي بـ “سلك كهرباء"، كنت أريد الانتحار ورميت نفسي، ولكن لم أصب بأذى، حيث نسيت ربط السلك من الخلف لأنني تحت تأثير المخدر.. كنت مغيّب العقل "يضحك على نفسه".
رحلة العلاج:
ينوه علي عن بداية رحلته للعلاج: بداية لم أفكر في التوقف، لكن بعد دخولي في عدة قضايا لجأت إلى برنامج الـ 12 خطوة لعلاج الإدمان، واستمريت لمدة بسيطة ولم أكمل، لأني أحسست نفسي ضعيفاً ولن أستفيد، ولكن بعد آخر قضية مررت بها شعرت بالذل الكبير، وتعبت نفسيتي وتحطمت، كذلك خسرت الكثير، خسرت عملي ونفسي وصحتي، في هذه الأثناء فكرت في ذاتي قبل أن أفكر بأي أحد آخر، وكيف أنقذ نفسي وأحاول الخروج من هذه الهاوية التي وقعت بها.
ويضيف عن الصعوبات التي واجهته أثناء العلاج: كنت أصاب لفترات بآلام وأوجاع بسبب انسحاب المادة المخدرة من جسمي، مثل آلام في البطن، وصداع، وأرق، وعدم القدرة على النوم، وإسهال، لكن بعد فترة خفّت هذه الأعراض تدريجياً.
عندما امتلك علي الإرادة والشجاعة على مواجهة مشكلته مع الإدمان لحل أزماته ، أول ما فكر فيه هو اللجوء للمركز الوطني للتأهيل بأبوظبي : في يوم من الأيام أتى إلي وطلب أن يشتري مني حبوباً مخدرة، فقلت له ليس لدي، وأرسلته عند شخص آخر ليشتري منه، فقبضت عليه شرطة مكافحة المخدرات وأخبرهم عني ، كانت هذه آخر قضية قبل العلاج ,وأنا في طريقي إلى السجن، راودتني فكرة العلاج، وقابلت شخصاً في شرطة مكافحة المخدرات كنت أعرفه مسبقاً، فقلت له (الله يخليك، أريد أن أتعالج ماذا أفعل إلى أين أتوجه؟)، فقال لي هناك "المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي" تواصل معهم، وستجد غايتك عندهم بإذن الله، وأثنى لي كثيراً عن المركز، وقال بأنني سأتعافى إن شاء الله عن طريقهم.. وفور خروجي من السجن اتصلت بالوالدة وأخبرتها أنني قررت العلاج والتعافي، وسأتجه إلى المركز الوطني للتأهيل.
يضيف علي: في البداية، بصراحة قلت في نفسي سيكون المركز هو المنقذ الوحيد لي حتى أتخلص من جميع مشاكلي، وأن المركز سيزودني بأدوية. لكن بعد دخولي قسم إخراج السموم تشجعت وقلت في نفسي "سيكون هدفي الأساسي العلاج والتخلص من المخدرات".
المركز الوطني للتأهيل:
المركز جزاه الله كل خيراً له دور في جميع المراحل وتعامل معها بأفضل الطرق العلاجية والأطباء الأكفاء، ونفسياً عن طريق أخصائيين نفسيين نلجأ إليهم ويساعدونا لتخطي المراحل النفسية التي كنا نمر بها، فالمركز يدعمنا نفسياً ومعنوياً ومادياً، وهناك أخصائيين اجتماعيين كانوا يعدون لنا حلقات ومجموعات نتناقش ونتكلم في مواضيع مختلفة، والقصص التي ممرنا بها من تجربتنا الخاصة، الأمر الذي زادنا ثقة بأنفسنا.
السرية والخصوصية:
يوضح علي وهو مبتسم: المركز -جزاهم الله خيراً- له فضل كبير بعد الله في شفائي، وعندما دخلت المركز قالوا لي إن "السرية والخصوصية أهم شيء"، فمثلاً الوالدة في بداية علاجي كانت تشك في أي شي أقوله لها، وتطلب التحاليل من المركز، لكن المركز لم يعطها أي شيء أو معلومة إلا بعد موافقتي. تخيل أنه يفعل ذلك مع أقرب الناس لي، فما بالك بالآخرين؟ المركز حريص جداً على هذا الأمر لعلمه التام بأنه عنصر مهم في العلاج والتشجيع عليه، تعلمت الكثير من الدروس، أهمها الابتعاد عن "الأماكن، والأشخاص، والأدوات".. الأماكن المقصود بها الأماكن التي كنا نلجأ إليها للتعاطي، فأي مكان يذكرني بهذه المرحلة مثل غرفتي غيرت أثاثها وألوانها.. وكذلك الابتعاد عن رفاق السوء وعدم التواصل معهم نهائياً.. والأدوات، أي المخدرات وما شابهها.
ويوضح عن دور المركز: استفدت كثيراً جداً، فالمدمن خلال فترة إدمانه تمر عليه ولو للحظات بسيطة فكرة ترك المخدرات، لكن لن ينجح بمفرده، لأنه يفتقد للمهارات التي تعينه على العلاج، لكن المركز الوطني للتأهيل يمدنا بهذه المهارات التي تكسبنا القوة لأن تقول "كفى"، وتقوي شخصيتنا وتعيد إلينا ثقتنا بأنفسنا وبأننا ستنجح، وتعيننا على التعرف أننا كنا في طريق خاطئة، بل وتعلمنا كيف نرجع إلى الطريق الصحيح ونبدأ حياتنا من جديد.
ويضيف: لا يقتصر دور المركز على العلاج التقليدي فقط، فعلى سبيل المثال لم أكن أستطيع سابقاً الجلوس مثل ما أنا عليه اليوم معكم، حتى قبل التعاطي كنت لا أستطيع أن أعبر عن نفسي أو أتحاور مع أحد، ولكن بعد دخولي إلى المركز أصبح لدي القوة والقدرة على التعبير عن نفسي، وزادت ثقتي بنفسي وأصبحت شخصيتي أقوى، المركز ساعدني في الوصول إلى هذه المرحلة والصورة التي ترونني عليها اليوم، فقد أصبحت إنساناً مسيطراً على تصرفاتي وعلى ردة فعلي، وقادراً على الجلوس والتناقش وفتح مواضيع، ولولا هذه الثقة التي غرسها المركز بداخلي، لما كنت لأجلس معكم اليوم وأتحدث عن تجربتي بكل صراحة وشجاعة دون تردد أو خوف.
الطمأنينة والراحة:
الدعم المعنوي والنفسي الذي يمدنا به المركز يشعرني بالراحة والطمأنينة ، و يوجهنا كيف نتغلب على المرض ونقضي يومنا ونخطط لمستقبلنا، بالإضافة إلى أمور عدة مفيدة ومهارات كثيرة، حيث كنت أعيش يوماً بيوم، وعلى يقين أنني في أيدٍ أمينة، ستجعل غدي أفضل من اليوم وسأحس ذلك ساعة بساعة ويوماً بيوم ، ويرسم ابتسامة على شفتاه و يقول: كل الشكر والتقدير إلى المركز، فعطاؤه بلا حدود في جميع النواحي، لكن أهم شيء منحني إياه هو الثقة، حيث أعاد إلي ثقتي بنفسي وبالآخرين، كما أشعر كذلك بأن المركز مسؤول عنا ويضرب بنا المثل ويمدحنا دائماً ويرفع من قدرنا أمام المجتمع، والدليل على ذلك هذا الاحترام الذي نلقاه من الأطباء والأخصائيين وكل العاملين بالمركز التي نشأت بيننا وبينهم صداقة كبيرة.
بالإضافة إلى ذلك فقد أرسلنا المركز في رمضان أنا ومجموعة من الشباب المتعافين إلى السعودية لأداء مناسك العمرة، وأحمد الله تعالى وأشكر المركز لمنحي هذه الفرصة العظيمة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل دربونا وأدخلونا دورات تدريبية، وحصلت على شهادة في الكمبيوتر والإنجليزي، والآن سأتخرج من برنامج ماتريكس، الذي يعتبر من أقوى البرامج التي تخص علاج الإدمان. يضيف: فالمركز أمدني بمهارات كثيرة، وبالقوة والقدرة على التحدي، ومنحني دعماً معنوياً ونفسياً كنت افتقده وفي أشد احتياج إليه، وكان من الصعب التحلي بكل هذه الخصال دون لجوئي إلى المركز.
وأوجه رسالة لمن يظن أنه قد يواجه مشكلة عند العلاج " لا تظن أن تعاطي المخدرات والإدمان هو حل للهروب من الواقع وعلاج المشكلات، بالعكس، هذا الطريق يجعلك تغرق أكثر في المشكلات وسيخلق لك مشكلات أكبر وأعقد مما تتخيل، ولن تحلها بزيادة الإقبال على التعاطي. العلاج هو الكفيل الوحيد بحلها، خصوصاً إذا كان في مكان معد لذلك وبه أناس متخصصون.
شعور بعد العلاج:
بصراحة بالغة شعور لا يوصف، راحة وسعادة وطمأنينة، فالعيد الماضي كان أول عيد يمر علي وأنا متعافي، أحسست بفرحة جديدة بالعيد وبشهر رمضان. وأحمد الله على كل يوم يمر علي دون تعاطي، فحالياً أكملت سبعة أشهر من التعافي.
ويحدثنا علي الفرق بين حياتك قبل دخولك المركز وبعدها: فرق 360 درجة، في السابق كانت حياة تعاسة وفشل بكل شيء، أما بعد دخول المركز أنا اليوم إنسان مرتاح نفسياً، صادق، أمين مع نفسي ومع غيري، لا أسرق، لا أكذب، متوازن، مرتب، نظيف من الداخل والخارج، و يضيف: كنت سابقاً وأنا صغير أكره المدرسة والدراسة ودخول الجامعة، لكن أصبح العكس، حيث تولد عندي يقين بأنني إن شاء الله سأكمل دراستي وأثابر وأكافح وأنجح لأعوض سنوات الضياع التي مررت بها.
كلمة أخيرة:
إن مجرد دخولي المركز وقراري العلاج والابتعاد عن المخدرات أكبر دليل أنني تغيرت وأنني بدأت حياة جديدة، ودليل دامغ على اعتذاري لذاتي وأهلي وكل من آذيته بأي طريقة في تلك الفترة.. أشكر أهلي على دعمهم لي ووقوفهم بجانبي وقت العلاج، ويتابع علي: وشكر خاص وكبير للمركز الوطني للتأهيل وكل العاملين فيه على الجهود التي بذلوها في علاجي من جميع النواحي النفسية والاجتماعية والصحية والمادية والعلمية، والرعاية والاهتمام الذي حظيت به في المركز والعاملين فيه, ونصيحة أوجهها من مجرب نصيحة لمن هو في بداية الطريق أقول له : المخدرات والإدمان طريق ضلال وخطر، ونهايته مأساوية.. ابتعد عنه وقل "لا"، أسال مجرب ولا تسأل طبيب.
إبراهيم: لم أحسب أن عالم الإدمان مليء بالكوارث
البداية:
تبدأ دائماً رحلة الإدمان بدافع الفضول وحب التجربة، بجانب تصوير رفاق السوء للشخص بأن المخدرات مصدر للسعادة، وما إن يقع الشخص في براثنها حتى يكتشف الكذبة الكبرى، وتتدهور علاقاته بكل المحيطين به، ويحيل حياتهم جحيماً...
إبراهيم: لم أحسب أن عالم الإدمان مليء بالكوارث
البداية:
تبدأ دائماً رحلة الإدمان بدافع الفضول وحب التجربة، بجانب تصوير رفاق السوء للشخص بأن المخدرات مصدر للسعادة، وما إن يقع الشخص في براثنها حتى يكتشف الكذبة الكبرى، وتتدهور علاقاته بكل المحيطين به، ويحيل حياتهم جحيماً، إذ يكون كل هدفه التعاطي والإحساس لحظات بنشوة المخدرات. هذا ما حدث بالفعل لإبراهيم، الذي لم يفق من كبوته إلا عندما حكم عليه بالسجن، ليقرر موافقة الأهل باللجوء للمركز الوطني للتأهيل، الذي دخله بداية إرضاءً لزوجته، ظناً منه أنها فترة يعود بعدها ليواصل التعاطي، لكن ما إن دخل المركز حتى اختلفت النظرة تماماً، وشيئاً فشيئاً بدأ يستجيب للعلاج، ليمر بكل مراحله، حتى النفسية منها، ليعود إلى حياته وأهله وأبنائه، الذين وعدهم بتعويضهم عن كل لحظة قصر فيها بحقهم.
حب الفضول:
أدمن إبراهيم تعاطي الهيروين والأفيون والحبوب والحشيش وهو في الثانية والعشرين من عمره . يقول عن بداياته: كانت البداية من باب التجربة والتسلية والفضول، حيث كنت أسمع أن الحشيش والمخدرات تمنح شعوراً غريباً، وتشعر الشخص بالسعادة، كما أن إصرار أصدقائي على أن أجرب شجعني أكثر، فقلت في نفسي (خليني أجرب)، ولم أفكر في العواقب التي ستواجهني، أو ماذا سيحصل إذا دخلت في هذا العالم.
وأضاف: كان لي أصدقاء دخلوا عالم الإدمان، ولم أكن أعرف شيئاً عن المخدرات غير أنها ستجعلني سعيداً.. لم أكن أحسب أن الدخول في هذا العالم كارثة ودمار، فقد كان هدفي الوحيد التجربة والتسلية. يوضح إبراهيم: تعرضت للكثير من الضغوط النفسية بسبب الإدمان، فأنا إنسان متزوج لدي 4 أبناء، حيث حصلت لي عدة اضطرابات نفسية، فأصبحت شخصاً عصبياً وعدوانياً ولا أستطيع السيطرة على تصرفاتي، أو التحكم في سلوكياتي مع زوجتي وأبنائي الذين كانوا يخافون مني.. وزاد: كنت أقوم بضربهم، ولم تكن توجد علاقة بيني وبينهم كعلاقة أي رب أسرة بعائلته، فلم أكن أهتم بهم، وكان أكثر شيء يهمني ويسيطر على تفكيري هو ماذا سأتعاطى اليوم وأي مادة سأتعاطاها ومع من سأتعاطى. لم أكن أفكر في أي شيء يخص حياتي وعملي وأهلي وأسرتي بأي فائدة.
منوهاً: كانت علاقتي بأبنائي تزداد سوءاً كل يوم عن اليوم الذي قبله، ومرت على أيام لم تكن لدي إمكانات مادية لأشتري المواد المخدرة، فكنت أصب كل جنوني وغضبي على أبنائي وزوجتي، لدرجة أنه كانت تأتيني أفكار أن آذي أبنائي، وفي يوم مسكت ابني وأردت أن ألقيه من الشباك، ولولا تدخل زوجتي لكنت ارتكبت جريمة وذنباً لن أكن لأسامح نفسي عليه طول العمر، كنت دائماً ما أجعلهم في توتر وقلق وحالة استنفار وطوارئ. واستدرك: كان ينتابني إحساس بالسعادة وقت التعاطي، لكن بعد فترة بدأت الأمور تأخذ مجرى آخر، وبدأت العوارض النفسية والجسدية تظهر عليّ، بالإضافة إلى السلوكيات السيئة والتصرفات العدوانية التي أخذت تظهر يوم بعد يوم. وعن أبرز صور تعرض له من معاناة قال: إن دخولي إلى هذا الجحيم وتفاصيله اليومية هو المعاناة بحد ذاته، كنت أريد أن أترك التعاطي ولكن كنت لم أستطع، فلم تكن لدي العزيمة والشجاعة على التوقف وقول (كفى). وأضاف: كنت أرى نظرة الخوف والحزن من أعين أبنائي، ولم أستطع فعل شيء لهم، فقد كان الإدمان يسيطر على وعلى تصرفاتي وسلوكياتي، ولم أكن أستطيع التحكم في نفسي، غير الحوادث والسرقات والسلوكيات غير السوية التي كنت أقوم بها. ويعترف إبراهيم: ندمت على كل يوم كنت فيه أنانياً وفكرت في نفسي وإسعاد ذاتي فقط. كنت أسير وراء ملذاتي والفواحش التي نهى الله عنها، وأضر صحتي وجسدي وأؤذي أبنائي وأهلي وأهملهم، وكنت مصدر حزن وتعاسة لهم.
بكل تأكيد شعرت بذنب كبير تجاه نفسي وعائلتي وقصرت في حق نفسي وحقهم كثيراً. موضحاً: حاولت البحث عن علاج عدة مرات، لكن محاولاتي باءت بالفشل، فقد ذهبت أكثر من مرة إلى مراكز للعلاج ولكني لم أستمر، حيث كنت أذهب بعد مشاجرات بيني وبين زوجتي كي أرضيها أو بمعنى أصح (أهدي اللعب شويه) كما يقولون، ثم أنقطع عن الذهاب.
قرار حاسم:
وعن كيفية اتخاذ القرار الحاسم بضرورة العلاج، يوضح إبراهيم: حكم على بالسجن في قضية، عندها كانت لي وقفة مع نفسي، فتوضأت وصليت ونويت التعافي والعلاج وبدء حياة جديدة بعيدة عن الإدمان. وأضاف: لجأت إلى المركز الوطني للتأهيل، بعد مبادرة من الأهل وتشجيعهم لي على العلاج في المركز، وبصراحة وافقت في البداية دون اقتناع كامل بل قلت في نفسي سأذهب وأرضي عائلتي وهناك بالمركز سيعطونني دواءً وسأقضي فترة بسيطة وسأخرج وأعود إلى التعاطي، لكن بعد دخولي للمركز اختلف تفكيري كلياً.
منوهاً: قدم لي المركز جميع الخدمات العلاجية والصحية والوقائية، وكنت أخضع لتحاليل وفحوصات بشكل دوري ودائم، وتحت إشراف طبي مهم وعظيم، فالعلاج بالمركز يمر بمراحل تختلف من مدمن إلى آخر، وكنت في فترة من الفترات تظهر عليّ عوارض تسمى بالعوارض الانسحابية، حيث كنت أحس بآلام وأوجاع من صداع وقيء وآلام في الجسم وأرق، وبدأ كل هذا يخف بشكل تدريجي حتى انتهى تماماً.
وأشار إبراهيم: لقد كان للمركز الوطني للتأهيل أدواراً كثيرة غير الدور العلاجي الذي قام به، فقد قام المركز -جزاه الله خيراً- بعدة أدوار هي التي جعلتني اليوم أجلس معكم وأخبركم بتجربتي بكل صراحة وشفافية، فالمختصون النفسيون والاجتماعيون بالمركز يقومون بإعطاء محاضرات توعوية، ويزودونا بدروس وعبر ونصائح توعوية تمنحنا الراحة النفسية للتعبير عن ما بداخلنا، واستشارتهم إذا واجهنا أي موقف أو مشكلة، بالإضافة إلى عمل حلقات نقاش ومجموعات يتحدث فيها كل شخص عن تجربته الخاصة، كل هذا زاد من ثقتي بنفسي أكثر، وأحسست أنني اكتسبت خبرة وثقافة وعلماً بفضل المركز والعاملين فيه.
حياة جديدة:
ويصف إبراهيم حياته قبل دخول المركز وبعده قائلاً: قبل دخول المركز كانت حياتي مليئة بالمآسي والظلام، أما بعد دخول المركز تغيرت حياتي كلياً، وتحولت إلى إنسان آخر مليء بالراحة والسعادة والفرح، فمن أول يوم دخلت فيه المركز حتى اليوم وهو يدعمني معنوياً ونفسياً ويثني علي ويشجعني دائماً ويزيد من ثقتي بنفسي. وأضاف: سأعمل على حماية أسرتي من الإدمان، وذلك بالتوعية الدائمة وملء أوقات فراغهم بأشياء مفيدة، وهوايات يحبونها، والتقرب منهم والجلوس معهم دائماً، وإشباعهم عاطفياً وإعطائهم الوقت الكافي وسماعهم، فالأبناء بحاجة للوقت، ودعمهم في المنزل والتعرف إلى أصدقائهم.
ولفت إبراهيم: أكملت اليوم سنتين و6 أشهر في التعافي، إنني فخور جداً بنفسي، وأشعر بسعادة عارمة، واليوم الناس أصبحت تسأل عني ويتصلون للاطمئنان علي ويستشيرونني في مواضيع مختلفة تشجعني وتدعمني. وينهي كلامه قائلاً: أشكر المركز الوطني للتأهيل -جزاهم الله كل خير- على كل الدعم والجهود الذي بذلها ويبذلها في حقنا، وكل التقدير والاحترام للعاملين بالمركز من أطباء وإداريين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين، وكل فرد يعمل بالمركز، كما أشكر كل شخص وقف إلى جانبي ودعمني وسأل عني، وأعتذر عن كل شخص أخطأت في حقه و(سامحوني يا أبنائي وأهلي على الأيام اللي عيشتكم فيها بجحيم، ووعد مني أن أعوضكم عن هذه الأيام).
خليفة: إذا لم تأت الرغبة من داخلك فلن تُعالج
يمر الإنسان بمنعطفات كثيرة تغير مسار حياته، إما للأفضل أو العكس.. وكم من عاقل استطاع بإرادته وقوة تحديه لهواه أن يعدل عن الأسوأ ويتصدى لأصعب المحن، متخذاً بشأنها أهم قرارات حياته، دون اللجوء إلى بدائل لا تسمن ولا تغني من جوع.
تلك هي حال (...
خليفة: إذا لم تأت الرغبة من داخلك فلن تُعالج
يمر الإنسان بمنعطفات كثيرة تغير مسار حياته، إما للأفضل أو العكس.. وكم من عاقل استطاع بإرادته وقوة تحديه لهواه أن يعدل عن الأسوأ ويتصدى لأصعب المحن، متخذاً بشأنها أهم قرارات حياته، دون اللجوء إلى بدائل لا تسمن ولا تغني من جوع.
تلك هي حال (خليفة)، الذي جرفته بعض المشكلات العائلية والعاطفية إلى الإدمان، الذي لم يكن مؤثراً عليه فقط، بل على كل المحيطين به من الأهل والأصدقاء، فلم ينس خليفة يوم أن حاول دهس أخاه بالسيارة تحت تأثير المخدر، وعندما أرادت والدته منعه عن ذلك أصابها عن طريق الخطأ، كما لم ينسى أنه كان السبب في وفاة أحد أصدقائه عندما أعطاه المخدرات وأخذ منها جرعة كبيرة أفقدته حياته. لكن، وعلى الرغم من هذه المآسي كلها، يظل داخل الإنسان بصيص أمل في آخر النفق المظلم يولد الشرارة التي تشعل مصباح حياته لينير دروب العودة لنفسه ولأسرته ومجتمعه.
هنا يخبرنا خليفة بتلك المرحلة الضائعة من حياته، وبأدق تفاصيلها، بدءاً من الأسباب، مروراً بأسوأ ما فيها، وانتهاءً بكيفية اتخاذه القرار الشجاع واللجوء إلى المركز الوطني للتأهيل بأبوظبي لتلقي العلاج، ومراحل العلاج والمتابعة بعد التعافي.
البداية:
بدأ خليفة الإدمان بدافع التجربة وهو في السادسة عشرة من عمره، واستمر في تعاطي حبوب الترامادول خمس سنوات، والآن عمره 21 سنة. يقول عن بداية دخوله عالم الإدمان: كنت طالباً في المدرسة، وكانت لدي مشكلات عائلية مع أخي الكبير وإخواني، فأبي متوفى وأنا أصغر فرد بالعائلة وقريب جداً لأمي وكنت مدللاً عندها، لذلك أصبح إخواني بعيدين عني ولا يهتمون بشأني ولا يجلسون معي أبداً. وأضاف: عندما كنت أتأخر عن المنزل أو أتصرف تصرفاً خاطئاً يوبخني إخواني، وتدافع أمي عني، لذا ابتعدوا عني، وأصبحت أنا بطريق وهم بطريق، فلجأت إلى أشخاص خارج محيط المنزل، أجلس وأسهر معهم وأقضي معظم وقتي معهم.
وأوضح خليفة أن سبب لجوئه إلى الإدمان هو الهروب من المشكلات العائلية التي كانت تضايقه، وإهمال الأهل له، وأيضا كانت لي علاقة عاطفية مع "شخص " تفرقنا ومررت بظروف صعبة وأزعجني الموضوع كثيراً وتأثرت نفسياً، وكان لرفاق السوء النصيب الأكبر لانجرافي نحو هذه التجربة لغرض النسيان والهروب من الواقع الذي أعيشه “. ويؤكد أن التأثير يأتي من داخل البيت كما يأتي من الخارج والشارع، "بالنسبة لي التأثير أتى من رفاق السوء وسوء معاملة الأهل وبعدهم".
سعادة مؤقتة:
وعن الإحساس الذي كان ينتابه وقت التعاطي، قال خليفة: كنت أشعر بالسعادة والراحة، لا أفكر بأحد ولا يهمني شيء، وأنسى كل ما كان يضايقني ويجعلني الإدمان شخصاً قوياً، لكن بالطبع ينتهي هذا الشعور بانتهاء مفعول المخدر، فبدايته تكون جميلة وبعد فترة بسيطة جداً يصبح نقمة وكابوساً، يسيطر عليك ولا تستطيع التخلص منه.
وأشار: غالباً ما كنت أنام يومين وأبقى مستيقظاً يومين متتاليين، وفور ما استيقظ أتناول وجبة وبعدها مباشرة أحضر المادة المخدرة، وإذا لم تكن متوفرة لدي أذهب وأحصل عليها، وبعد التعاطي كنت إما أن أجلس أو أخرج مع أصدقاء التعاطي إلى أي مكان، نخلق مشكلة أو مشاجرة مع أي أحد، نسرق، نذهب لنوادٍ ليلية، نشرب الكحول، نمارس سلوكيات غير سوية.
وأوضح خليفة: اكتشف أهلي إدماني من تصرفاتي وسهري خارج المنزل وتغير سلوكياتي، ونصحوني أكثر من مرة بالابتعاد عن ذلك، وكنت أقول لهم سأبتعد، فأترك التعاطي يوماً واحداً تم أعود إليه.
منوهاً: كنت أول أيام أكذب على الوالدة وأقول لها إن هذه الحبوب منشطة وفيتامينات، وأحياناً أحلف لها بالقرآن بأن هذه الحبوب ليست مخدرات، لكي أضع جزءاً من اللوم عليهم لأنهم كانوا يساعدوني على التعاطي بطريقة غير مباشرة، حيث بعدما صارحت الأهل أنني أتعاطى المخدرات أقنعت الوالدة بأن الحبوب التي أتعاطاها دواء وصف لي لعلاج الإدمان، وباتت تعطيني الدواء بيدها، وعندما يأتي أحد من إخواني لسحب الدواء مني تتشاجر معهم وترجعه لي وتقول لهم هذا علاج خليفة، فأدمنت أكثر.
موضحاً: فكرت أكثر من مرة خلال سنوات التعاطي الخمس أن أتراجع وحاولت التوقف، وكنت أترك يوماً، لكن لم أكن أستطيع الاستمرار، وكنت أفشل في كل مرة وأعود للمخدرات، إذ لم أكن أستطيع السيطرة على نفسي وكنت أشعر أنه مستحيل.
شعور بالذنب:
مهما طال أمد التخبط بالإنسان، إلا أن هناك لحظات يعود فيها إلى رشده، وقد مر خليفة بموقف من هذا النوع، إذ يقول: آخر موقف كان بمثابة الفاجعة لي عندما كنت ألاحق أخي بالسيارة وأنا تحت تأثير المخدر وأردت أن أصدمه، والسبب كان تافهاً جداً، عندها ركضت أمي ورائي تفتح باب السيارة لتمنعني عن هذا التصرف فصدمتها بطريق الخطأ، عند هذه اللحظات اسودت الدنيا في وجهي لأني اكتشفت أنني وصلت إلى مرحلة من الممكن أن أقتل أخي وأمي بسبب تأثير المخدر.
وأضاف: حصلت لي مشكلات كثيرة بعد موقف صدم أمي وتعبت كثيراً، وتدهورت حالتي جداً، حتى أنني كنت أنام في الشارع، وأقف وسط الطريق وأنام بالسيارة وأعرقل السير، فتحدثت مع أخي الكبير، الذي كانت علاقتي به مقطوعة من خمس سنوات، وأخبرته بأنني أريد العلاج وأنه يوجد في أبو ظبي المركز الوطني للتأهيل لعلاج المدمنين، فاجتمعت العائلة معي وتحدثنا على البدء بالعلاج وحل مشكلتي والحمد لله.
ويوضح خليفة: أنا الذي فتحت لهم موضوع إدماني وأنني أريد العلاج، حيث إنهم لا يعرفون شيئاً وليست لديهم أدنى خلفية عن مدى صعوبة ترك الإدمان والتراجع عنه، وأني أحتاج إلى علاج والتزام في مراكز التأهيل ومراحل علاجية حتى أستطيع تركه والتعافي.
يتذكر خليفة مواقف مؤسفة شعر خلالها بالذنب قائلاً: ثمة موقف حصل وأتمنى من الله ألا أعود إليه ولا يحدث لغيري، وهو أنني أعطيت أحد أصدقائي مادة ليتعاطاها فتوفي على إثرها. شعرت بذنب كبير تجاه نفسي، لأنني ضيعت عمري ومستقبلي، وشعرت بالذنب تجاه كل شخص آذيته وأخطأت في حقه، حيث هناك أربعة من أصدقائي توفوا بسبب التعاطي، منهم بسبب حادث تحت تأثير المخدر، ومنهم بسبب جرعات زائدة.
رحلة علاج:
عندما امتلك خليفة الشجاعة على مواجهة مشكلته مع الإدمان، أول ما فكر فيه هو اللجوء للمركز الوطني للتأهيل بأبوظبي، "عندما أخبرت أهلي بما يقدمه المركز الوطني للتأهيل شجعوني على العلاج فيه، واعتمدت على إخواني الذين أوصلوني بنفسهم للمركز".
وعن شعوره بأول يوم أتى فيه إلى المركز قال: أول فترة لم أكن بكامل وعي وقدراتي العقلية، لكن بعد فترة بسيطة أيقنت أنني في المكان الصحيح. كنت أعتقد أنني الوحيد الذي أعاني من هذه المشكلة، لكن بعد دخولي المركز وجدت أشخاصاً يعانون نفس مشكلتي ويعيشون تجارب أخرى، وعندما لجأت للعاملين بالمركز من أطباء وأخصائيين أحسست بالراحة، وكنت سعيداً بهذه الخطوة التي قمت بها، والحمد لله أنا راض جداً عن نفسي اليوم وإن شاء الله كل يوم سأكون أقوى وأفضل وأحسن.
وأضاف: بالطبع واجهت بعض الصعوبات في بادئ الأمر، مثل بعض الآلام والأوجاع في فترة العلاج التي تسمى العوارض الانسحابية، وآلام بالجسم، وآلام مفاصل، وقيء، وأرق، وعدم القدرة على النوم، صداع مزمن، وتقلب المزاج، وعصبية.
المركز الوطني للتأهيل:
وعن دور المركز الوطني للتأهيل غير الدور العلاجي ومدى تأثره به قال: كنت محاطاً بظروف صعبة، فاثنين من إخواني متعاطين، أحدهما يشرب الكحول والآخر على طريق التعافي، ولكن في الخارج.. كنت دائماً أفكر وأشعر بالخوف إذا رجعت والتقيت معهما كيف أقي نفسي، لذا لجأت للأخصائيين النفسين والاجتماعين في المركز -جزاهم الله خيراً- والذين بدورهم نصحوني بماذا أفعل وكيف أتصرف، وكيف أحمي نفسي وأحصن ذاتي، والحمد لله اليوم أكملت 8 أشهر و15 يوماً في التعافي لم أتعاط فيهم والحمد لله.
ويؤكد خليفة: بدّل المركز الوطني للتأهيل حياتي للأفضل، حيث تحسنت سلوكياتي وتصرفاتي للأفضل وتغيرت بالكامل، بعد أن زودني المركز بمهارات عديدة كنت أفتقدها، حيث كانوا يعدون لنا حلقات نقاشية ومجموعات نشارك تجاربنا مع بعضنا بوجود أخصائيين نفسيين واجتماعين، نتكلم بصراحة ونتبادل مواضيع ونعبر عن ما في بداخلنا، يقدمون لنا نصائح ويفتحون لنا المجال لأي سؤال أو استفسار يخطر على بالنا، هذه الحلقات زادت ثقتي بنفسي ومنحتني قوة في استكمال العلاج وقوة في الشخصية والدخول في نقاشات وحوارات دون خوف أو تردد.
وأضاف: خلال فترة علاجي بالمركز الوطني للتأهيل استفدت كثيراً من تجارب الآخرين، ومن النصائح التي كنت أتلقاها من الأطباء والأخصائيين النفسيين، ومن المحاضرات التي ينظمها المركز وكان لها دور كبير في إكسابنا مهارات ووعي وخبرة في عدة مجالات وأمور في الحياة، وكيف نواجه المشكلات ولا نهرب من حلها عن طريق المخدرات أو أي طريق خاطئ، وأن نتابع حياتنا بعد العلاج ونحافظ عليها.
السرية والخصوصية:
يقول خليفة: الجميل في الأمر أن هذا كله كان يتم في سرية تامة، حيث المركز يحرص كل الحرص للحفاظ على خصوصياتي، وهذا من أهم مبادئ المركز (السرية والخصوصية)، فأي شيء يخصني يبقى سراً لا يمكن لأحد أن يعرفه إلا برضاي.
وأشار: كان من الصعب التعافي دون تدخل المركز الوطني للتأهيل في علاجي، حيث من الممكن أن أترك يوماً وأرجع للتعاطي، لكن لولا دخولي المركز وعلاجي فيه لما وصلت لهذه المرحلة والحالة الجيدة التي أنا عليها اليوم، فالمركز له الفضل الكبير بعد الله تعالى في تخلصي من الإدمان والمواد المخدرة وإكسابي مهارات لم أكن لأكتسبها لولا لجوئي إليهم، والحمد لله تغير سلوكي وتصرفاتي وشخصيتي إلى الأحسن والأفضل.
وزاد: ولم يكتف المركز بمرحلة العلاج، إذ يعمل ما في وسعه ليستعيد المريض ثقته بنفسه، وتأهيله بشكل كبير ليصبح عنصراً فاعلاً في المجتمع، حيث تكفل المركز بتكاليف رحلتي أنا وبعض المتعافين بالمركز إلى السعودية لأداء مناسك العمرة برفقة مجموعة من الإداريين والأخصائيين كانوا يوجهوننا ويعطونا نصائح، وأوجه لهم جزيل الشكر على هذه الفرصة التي منحت لي لأنه شعور رائع لا يوصف.
وعن شعوره بعد العلاج بالمركز، ونظرته للمرحلة المقبلة من حياته، أوضح خليفة: أشعر بالسعادة والرضا الحمد لله، وأفكر إن شاء الله في القريب العاجل أن أتزوج وأستقر وأثابر وأتابع عملي، فالحمد لله لم أخسر وظيفتي، وأمنيتي أن أكون مساعد أخصائي في مركز لعلاج الإدمان لأستفيد وأفيد غيري.
الوقاية:
وأضاف: هناك أساسيات تعلمتها خلال فترة وجودي بالمركز، وهي الابتعاد عن ثلاثة "الأماكن، والأشخاص، والأدوات"، ألا أرجع إلى الأماكن التي تذكرني بتلك المرحلة والتي كنا نتردد عليها، وأشخاص التعاطي، والأدوات وهي المخدرات وتوابعها.
مؤكداً: وإذا التقيت بمدمن في فترة من الفترات لن أساعده، لأنني أولاً ضعيف وأخاف على نفسي من الرجوع للتعاطي، وثانياً لأن المتعاطي لا يقبل ولا يسمع النصيحة إلا عندما يريد هو بنفسه العلاج، لذا أفضل أن أذهب إلى أحد أفراد أسرته أو أقاربه وأقترح عليهم طريقة لإرساله إلى المركز للتعافي. فعن نفسي خلال الخمس سنوات التي كنت مدمناً فيها كان الناس يأتونني وينصحونني بالعلاج والتعافي، لكني لم أكن أسمع لهم أو أقتنع بكلامهم، ولم أتعالج إلا عندما قررت أنا العلاج.
وفي نهاية حديثه، يتوجه خليفة بالشكر إلى المركز الوطني للتأهيل على كل الجهود والطرق والأساليب التي بذلها معه من أول يوم دخل فيه المركز وحتى اليوم، على جميع المستويات، من مساعدات ودعم معنوي ونفسي ومادي وصحي وأكاديمي وترفيهي، "أوجه تقديري وشكري لكم العاملين في المركز من أطباء وأخصائيين نفسيين واجتماعيين وإداريين وكل فرد في هذا المركز العظيم، والحمد لله أولاً وأخيراً.. وسامحوني يا أهلي ويا إخواني على كل تصرف ظهر مني في تلك الفترة، وأعدكم أنني لن أخذلكم بعد ذلك أبداً، وسأستمر في الطريق الصحيح إن شاء الله".
عبدالله: عدت إلى الحياة من جديد بفضل الله والوطني للتأهيل
يقول عبدالله ، 47 سنة، متعاف من إدمان الهيروين، "بدأت إدمان المخدرات خلال سفري إلى بانكوك، حيث كان عمري وقتها 22 سنة، وكان لدي فضول وميول شديدين نحو تجربة تأثير المخدرات، من دون وعي لخطورتها وهو ما حققته بالفعل، حتى عدت إلى الدولة وبدأت رحلتي م...
عبدالله: عدت إلى الحياة من جديد بفضل الله والوطني للتأهيل
يقول عبدالله ، 47 سنة، متعاف من إدمان الهيروين، "بدأت إدمان المخدرات خلال سفري إلى بانكوك، حيث كان عمري وقتها 22 سنة، وكان لدي فضول وميول شديدين نحو تجربة تأثير المخدرات، من دون وعي لخطورتها وهو ما حققته بالفعل، حتى عدت إلى الدولة وبدأت رحلتي مع التعاطي لأنواع مختلفة من المؤثرات العقلية والمخدرات وآخرها الهيروين، وذلك على مدى 23 عاما متواصلا".
سعادة مؤقتة:
يضيف عبدالله بحسرة "كنت أسيطر على نفسي في بداية رحلة التعاطي، وأتحكم في جرعات المخدر الذي أتعاطاه، وأوهم نفسي بأني أستطيع التوقف في أي وقت متى أشاء، حتى تجاوزت مرحلة ما يسميها المدمنون "اللذة"، ودخلت في مرحلة "الانحدار والألم"، ثم الإدمان الشديد، وعدم القدرة على الاستغناء عن المخدر، ولم يكن لدي مشكلة مالية في شراء المخدرات".
قرار حاسم:
"كان مثل غيره من مرضى الإدمان على المخدرات لسنوات طويلة، ليس لديه أمل في إمكانية التوقف عن الإدمان والخروج من هذا المستنقع"، واستمر في التعاطي حتى دخل السجن أكثر من مرة، ثم أجبره أهله على الدخول إلى مصحة علاجية، لكن لم تفلح محاولات العلاج معه، فانتكس وعاد مرة أخرى للتعاطي. لفت عبدالله إلى أن "المصحات وعيادات الإدمان، لا تقدم علاجا ناجعاً، وتقتصر مهمتها فقط على إخراج السموم من جسم المتعاطي بمنع وصول المخدرات إليه لعدة أشهر ثم إخراجه، وهو أمر خطأ وخطير، إذ يعاود غالبية المرضى فور خروجهم إلى الانتكاس والتعاطي مرة أخرى".
رحلة علاج:
ويستكمل عبدالله حديثه بالقول "إنه تم تحويله إلى المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، حيث أستقبل هناك بحفاوة واحترام شديدين، وسمع من المختصين بأنه حالة مرضية تحتاج لعلاج، وليس إنسانا مجرما ومنحرف سلوكيا، كما كان يصور له الآخرون، وقد أحس بعد فترة من العلاج براحة نفسية واقتناع بإمكانية التوقف نهائيا عن المخدرات، وأصبح حالياً متعاف من الإدمان منذ ثلاث سنوات و6 أشهر، ويتبع برامج علاجية ينفذها للمحافظة على التعافي".
الوقاية:
طالب عبدالله بضرورة التوسع في إنشاء مراكز تأهيل للمدمنين على مستوى الدولة، أسوة بالمركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، بما يساعد مرضى الإدمان على التعافي والاستمرارية والاندماج في الحياة الاجتماعية مرة أخرى، فضلا عن تصحيح المفاهيم الخاطئة عن طبيعة مرض المدمنين، سواء عند الأسر أو المصحات العلاجية أو السجون، إذ لا تشجع طرق التعامل السلبية الحالية على تعافي مرضى الإدمان، بل بالعكس تترك تأثيرا سلبياً تجعلهم يواصلون التعاطي والتحايل على طرق العلاج التقليدية.
علي: قرار التوقف عن الإدمان كان النقطة الفاصلة في حياتي
البداية:
علي، 43 سنة، متعاف من الإدمان، إن "تجربته مع المخدرات بدأت مع أحد أقاربه، الذي شجعه على تعاطي الحشيش وهو في سن الرابعة عشر، ثم تدرج بعدها نحو تعاطي أنواع مختلفة من المخدرات حتى وصل للهيروين، واستمرت رحلة إدمانه أ...
علي: قرار التوقف عن الإدمان كان النقطة الفاصلة في حياتي
- الصفحة الرئيسية
- علي: قرار التوقف عن الإدمان كان النقطة الفاصلة في حياتي
علي: قرار التوقف عن الإدمان كان النقطة الفاصلة في حياتي
البداية:
علي، 43 سنة، متعاف من الإدمان، إن "تجربته مع المخدرات بدأت مع أحد أقاربه، الذي شجعه على تعاطي الحشيش وهو في سن الرابعة عشر، ثم تدرج بعدها نحو تعاطي أنواع مختلفة من المخدرات حتى وصل للهيروين، واستمرت رحلة إدمانه أكثر من 11 سنة، خسر فيها أسرته، ودخل السجون أكثر من مرة".
قرار حاسم:
يضيف علي "أخذت قرار التوقف عن الإدمان بعد تدهور حالة والدي الصحية، ومشاهدتي لثلاثة من أصدقائي قد تركوا وتعافوا من المخدرات بعد دخولهم المركز الوطني للتأهيل، حيث عرضوا علي الالتحاق بالمركز، وتعافيت من الإدمان. ويقول جلال من واقع تجربته، أن مرضى إدمان المخدرات يواجهون مشكلة حقيقية في الحصول على سبل العلاج الصحيحة التي تمكنهم من التوقف عن التعاطي والمحافظة على استمرارية التعافي وعدم الانتكاس مرة أخرى.
المركز الوطني للتأهيل:
يتابع علي "للأسف يوجد مركز تأهيل وحيد يعالج الإدمان على مستوى الدولة، هو المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، في حين أن هناك مدمنين في مناطق مختلفة من الدولة، ولا يجدون المكان المناسب للعلاج"، مضيفا" أن غالبية مرضى الإدمان الذين يتم تحويلهم من المحاكم أو مراكز الشرطة إلى عيادات علاج الإدمان في المستشفيات ينتكسون مرة أخرى بعد خروجهم، إذ يتم حجزهم داخل مصحات لفترة تمتد لعدة أشهر، يتحول فيها المدمن من النشاط إلى التوقف من دون أن يصل إلى التعافي من المخدرات، ثم ما يلبث أن يعاود مرة أخرى للإدمان بعد خروجه".
الوقاية خير من قنطار علاج:
يلفت علي الانتباه إلى أن "مرضى الإدمان يحتاجون بعد التوقف عن التعاطي إلى برامج تأهيلية تساعدهم على حماية أنفسهم من الانتكاس والعودة للمخدرات مرة أخرى، وتأخذ بأيديهم في تجاوز المشكلات، والسيطرة على الأفكار السلبية التي تراودهم بين فترة وأخرى بالانسحاب ومعاودة التعاطي مرة أخرى.
ويؤكد جلال أهمية أن تتعاطي الجهات الصحية والشرطية في الدولة مع المدمنين على أنهم يعانون مرضا مزمناً مثله مثل مرض السكري والضغط وغيره، وأنهم يحتاجون للدعم والمساعدة طوال حياتهم حتى يحافظوا على تعافيهم من الإدمان، مطالبا بالتوسع في إنشاء مراكز تأهيل في كافة إمارات الدولة، ودعمها بالمختصين والأطباء.
ويشير إلى أهمية إعادة النظر أيضا في القوانين الحالية، بحيث لا يتم تحويل المضبوطين في قضايا المخدرات إلى السجون، لما يشكله ذلك من خطورة في زيادة عدد المرضى بسبب اختلاط المبتدئين في رحلة التعاطي مع القدامى، ولا بد من تحويلهم إلى مراكز تأهيل متخصصة، مؤكدا أن السجن ليس حلاً علاجياً للمدمن، وإنما الحل في دخوله مركز تأهيل، حيث تزيد فرصة تعافيه واستمراريته.